مِن وَحّي الألم ومُعترَكات الحَياةِ
حُجرَة مظلمة .. تتخللها إضاءة خافتة تزيد شِدَّتها
حيناً وتخفت حيناً آخر .. كانت تشع من إحدى الزوايا التى جلستُ فيها لأنسج بعض
الأحلام .. على أمل تحقيقها يوماً ما .. !
فى لحظة ما .. زادت إضاءة الحجرة عن المعتاد
.. وبدَتْ على ملامحى العجب .. لكن ما لبثت أن أعقبتها بهدوء وسكينة .. ويوماً بعد
يوم كانت الإضاءة تزداد بصورة واضحة .. فزاد ذهولى ! .. لم تكن الأحلام التى
نسجتها مصدرها .. وبدا لى أنّ هناك شيئاً آخر وراء تلك الأشعة التى بدَّدَت ظلام
الحجرة شيئاً فشيئاً .. أخذت أبحث فى جوانبها .. حتى لاح لى شُعاع نور .. رفعتُ
يدى على جبهتى حتى أتمكن من الرؤية .. كانت فتحات صغيرة فى جِدار الحجرة .. بعثت
فيض من الأشعة التى كانت تغمر الكون خارجاً .. تهلل وجهى فرِحاً .. وقلت لنفسى نعم
.. وجدتُه وجدتُه ..!
انتقلتُ من زَاوية الحُجرَة وجلستُ فى جزء
كان يغمرُه امتداد شُعاع النور حيث الشعور بالدفء والأمان .. ثم أكملتُ نسج أحلامى .. لكنها تلك المرة
حملت طموحاً أكثر وآمالاً لا أقول مستحيلة ..!
لم تستطِع تلك الأحلام أن تظل قابعة فى عقلى
وقلبى .. بل خرجت لترسُم أمامى صورة حيَّة كأنها واقع ملموس ..
فجأة .. أحسستُ بحرارة ألهبت وجهى .. لم أستطِع
الجلوس فى مكانى .. فقمتُ وابتعدتُ عنها قدراً ما .. كان الأمرُ بين لحظة ابتعاد
واقتراب كلما زادت شدة الضوء أو خفوته .. عاودَتْ تلك الأشعة لفح وجهى مرة أخرى ..
ولكن حينها بدا لى أنِّى آنستُها .. !
لم يمض كثير من الوقت .. حتى وجدت شُعاع
النور يقصر شيئاً فشيئاً .. وتتضاءل شدَّتُه .. ظللت أتقدم خطوة خطوة وراء شُعاع
النور .. حتى اصطدمت بالجِدار !!
بدَتّ لى الحجرة حينها أكثر ظُلمَّة مما كانت
عليه فى البداية ! .. لم أعد أنسج أحلاماً لتُضِيء لى بعض الطريق .. كأنها تلاشت
فجأة !!
حينها فقط !! .. أدركتُ ما كان يجب أن أتمسك
بذَاك الشُعاع وأنسج عليه أحلاماً ! .. حتى لا أحزن عليه حين فقده وإلا فما هى إلا
بعضُ أوهام ! .. وكان الأوَّلى أن أتحقق من منافذ تلك الحجرة قبل الجلوس فيها ..!
بعد بعض العَبرات التى سُكِبَت فى إحدى زوايا
الحجرة .. حادثتُ نفسى .. وسألتُها .. ما بكِ يا نفسى ؟!! .. عَهِدتُّك قوية ..
وما تُزيدك المِحن إلا صبراً ورضا ونقاءً وطُهراً .. وكُل ذلك من فضل ربِّك ! ..
لماذا تلك الاستكانة ؟! لماذا اليأس ؟!
ما أن قلت تلك الكلمات .. حتى لَاح لى فى الأُفق
أملٌ وحِلمٌ جديدٌ .. شَحذتُ هِمَّتى وأحكمتُ منافِذ الحجرة تلك المرة ..!
لن أكتفى بشُعاع نور يأتينى من بضع فتحات
صغيرة ! .. بل إشراقة شمس ونور قوى يُحَطِّم الجدار ويُخرجنى من الحجرة ولو بعد
حين !! .. مع مشاركتى فى تحطيمه بإذن الله .. لذا يلزم إعادة التأهيل لخوض معركة
مع الحياة ! .. إما أنا أو أنتِ !!